Login & Register English

Appel d'urgence: +201010859351 
mercredi - mai 31, 2023

Breaking News

الثعلب الأغبر ومسرح اللامعقول Internationale Politique Moyen-Orient

News image

 هذه هي الأوراق الذهبية بين يدي رجب طيب اردوغان . الأوراق التي يمكن أن تدمر صاحبها ان أخطأ في اللعب , أو اذا ما تغيرت الظروف في اتجاه آخر 

يعلم أن ادارة دونالد ترامب لا يمكن أن تستغني عنه . ليس بسبب أهمية قاعدة انجرليك التي تختزن عشرات الرؤوس النووية الأميركية , وليس لأن تركيا عضو في حلف الأطلسي , وعلى أرضها منشآت الدرع الصاروخية بأبعادها الفولكلورية , وانما لأن اقتراب أنقرة أكثر قأكثر من كل من موسكو وطهران , لا بد أن يحدث تداعيات كارثية على الدور الأميركي , وربما على الوجود الأميركي , في الشرق الأوسط 

   يعلم أيضاً أن الروس بحاجة اليه ليس لكون البلدين يشاطئان البحر الأسود , وما لمضيق الدردنيل من حساسية بالنسبة الى الأسطول الروسي , ومع اعتبار أن العلاقات بين القياصرة والسلاطين مرت في مراحل دموية , وصاخبة , امتداداً الى العهد الجمهوري الذي اختار الانضواء تحت الراية الأميركية 

   فلاديمير بوتين يدرك , بانورامياً , ما كان الدور التركي في تفجير الأزمة السورية , كما يدرك أن العلاقات الجيدة مع اردوغان يمكن أن تساعد في اقفال ملف الأزمة , خصوصاً بعدما بدا , بالدليل القاطع , أن تفكيك سوريا يستتبع , ميكانيكياً , تفكيك تركيا بتركيبتها الاتنية , والطائفية التي طالما عانت من ارتجاجات عاصفة 

اردوغان يعلم أن ايران بحاجة اليه . تركيا هي البوابة الكبرى للحد من انعكاسات الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة . ثم ان الايرانيين معنيون بوحدة سوريا , وهذا لا يمكن أن يتحقق الا بالتفاهم مع الرئيس التركي الذي يعتقد

أنه , بعلاقاته المتشابكة , يستطيع التفلت من الحبل الأميركي الذي يلتف حول عنقه , ولطالما أشاع  بأن لديه من الوثائق ما يثبت أن الأميركيين كانوا ضالعين , بصورة أو بأخرى , في انقلاب عام 2016 

    المشكلة الآن في الثمن الذي يريده اردوغان , ان للخروج من الأراضي السورية التي يتواجد فيها أو لتفكيك الفصائل المسلحة في مناطق ادلب 

    لا مجال البتة لقبول أركان الدولة في سوريا باشراك "الاخوان المسلمين " في هيكلية السلطة . هؤلاء الذين يلعبون , كما الأفاعي , داخل الجدران للانقضاض , في اللحظة المناسبة , على كل من حولهم 

    منذ البداية "الاخوان المسلمون كانوا يعملون , بادارة تركية , لوضع اليد على سوريا , بالتزامن مع وضع اليد على مصر . هذا ما يؤمن لاردوغان المضي , في مسيرته العثمانية , والسيطرة على المنطقة العربية التي تتهاوى بلدانها تباعاً , وباعتبار أن مصر وسوريا هما المحوران الأساسيان في البنية التاريخية , والجغرافية , للمنطقة 

   نقاط قوة الرئيس التركي هي نقاط ضعفه أيضاً . وزيرالدفاع الأميركي مارك اسبر أكد أن بلاده ستمنع القوات التركية من التوغل في مناطق شرق الفرات . هذا لا يحول , أبداً , دون عقد صفقة على حساب الأكراد , بتلك القيادات التي دأبت على دفعهم الى المتاهة 

   بطبيعة الحال , ليس باستطاعة واشنطن أن تفرض كانتوناً أو دويلة كردية على الأرض السورية . غير أن بامكانها استنزاف الرئيس التركي من هذه الزاوية , كما أن الأميركيين يعتبرون أن التواجد التركي على الأرض السورية يبقي الأزمة مشرعة على الاحتمالات , فضلاً عن أنه يربك النظام وحلفاءه 

   الادارة الأميركية هي من أعطت الضؤ الأخضر لاردوغان ليبعث بدباباته الى قطر . هذا كان حلمه في أن يكون له موطئ قدم في الخليج , وان كان وجوده هناك يخضع لمراقبة مجهرية تحول بينه وبين التحرك , ولو لخطوة واحدة , في أي اتجاه 

   المعلومات المتداولة تشير الى أن سلة العقوبات على تركيا جاهزة . داخل الدولة العميقة تباين حاد في وجهات النظر حول اخراجها الى العلن , لا سيما وأن اردوغان مستعد للعب لحساب أميركا في أكثر من ملف اقليمي 

   الخبراء يؤكدون ان بوسع وزارة الخزانة الأميركية زعزعة الاقتصاد التركي ساعة تشاء . لا حدود لملفات تبييض الأموال , أو لسائر التجاوزات الأخرى . الاقتصاد  بات الرهان الوحيد أمام اردوغان بعدما أظهرت الانتخابات البلدية تصدعاً دراماتيكياً في قاعدته الشعبية 

   في نهاية المطاف , لا بد أن ينسحب الأميركيون من القواعد السبع في شرق الفرات . حتى اللحظة خطتهم اللعب في الزاوية الى اشعار آخر . هم , حتماً , ضد استعادة الدولة السورية كامل قواها , وكامل أراضيها . حديث وراء الضوء عن الاورانيوم الذي يشكل , مع النفط والغاز , القوة الاقتصادية للدولة السورية 

   هذه الثروات تتقاطع مع طاقة بشرية لطالما عرفت بديناميكيتها , ما يضفي على دمشق امكانية الاضطلاع بدور جيوسياسي بالغ التأثير في المحيط , وهي التي لم تكن , في وقت من الأوقات , ظلاً للسياسات الأميركية في الشرق الأوسط 

   من السذاجة الرهان على انفجار العلاقات بين ترامب واردوغان اللذين يتصفان بالنرجسية , وبالمكيافيلية , بأقصى مظاهرها . مثل هذا الانفجار لا بد أن يكون لمصلحة دمشق, وطهران , وموسكو . واذ لا امكانية لاعادة الأزمة السورية الى الوراء, يبدو الأكراد مجرد وقود تكتيكي في معركة لن يحصد منها الأميركيون والأتراك سوى الهباء 

   اردوغان يعلم ذلك . الكانتون الكردي ممنوع . غير أن أجهزة استخباراته لاحظت أن ثمة قوة عسكرية كردية قد تشكلت على الحدود التركية , وهذه لا تتعاطف , وجدانياً فحسب , مع تطلعات عبدالله أوج آلان , بل انها تتعاطف معه ميدانياً . الأتراك لا يتحملون الخنجر في الخاصرة . المحادثات التركية ـ الأميركية تتمحور حول نزع الأسلحة الثقيلة من قوات سوريا الديمقراطية وابعاد بعض القيادات التي عرفت باتجاهاتها الراديكالية 

   دمشق تصر على رفض أي وجود عسكري غير شرعي على أراضيها . الروس والايرانيون يعلمون أن اردوغان يلعب في قعر الزجاجة . الخطوط الحمر تحدق به من كل حدب وصوب . لا أحد الا ويعلم الكثير عن تفاصيل الدور البشع الذي قام به في تفجير الساحة السورية , ثم ادارتها بالوكالة عن الأطراف الاقليمية والدولية

    لو بقي الذين أطلقوا على كمال  أتاتورك لقب "الذئب الأغبر" على قيد الحياة لأطلقوا على رجب طيب اردوغان لقب "الثعلب الأغبر" . ماذا يمكن للثعلب أن يفعل اذا كان محاطاً بالأسلاك الشائكة ؟ هدد بتنفيذ العملية العسكرية بعد عيد الأضحى . قيل الأكراد بدل الخراف . هذا لن يحدث الا مسرحياً . الصفقة على النار 

   الحاجة الى ريشة سريالية للاحاطة بكل تفاصيل المسرح . مسرح ... اللامعقول

Magazine Charilogone / نبيه البرجي